الملف الليبي يفرض نفسه على القمة العربية بتونس – مصدر24

الملف الليبي يفرض نفسه على القمة العربية بتونس

الملف الليبي يفرض نفسه على القمة العربية بتونس

اتفاق عربي مرتقب لجمع الفرقاء الليبيين وكسر الأجندة القطرية التركية.

تونس – قالت مصادر سياسية ودبلوماسية عربية، إن تطورات الملف الليبي بعناصره المعقدة والمتشابكة، ستكون من أبرز الملفات التي ستشهد مفاجآت لافتة في سياق المقاربات الجارية لتسويتها خلال القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين التي تبدأ الأحد بتونس.

وتوقعت أن يتم خلال هذه القمة التي انطلقت الجمعة أعمالها التحضيرية على مستوى وزراء الخارجية، تحقيق اختراق سياسي وصفته بـ”النوعي” قد يكسر الأجندة القطرية-التركية التي تسببت بأدواتها الوظيفية التي تشكلها الميليشيات المسلحة في إطالة أمد الأزمة.

وتأتي هذه التوقعات التي بدأت تزدحم بها التصريحات السياسية على هامش تلك الاجتماعات، فيما أكد وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، حرص تونس على أن تكون القمة العربية التي تستضيفها “مناسبة لتكريس التوافق العربي والدعم العربي المشترك لمواجهة التحديات الكبرى”.

وبحسب تلك المصادر التي تحدثت لـ”العرب” على هامش مشاركتها في اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري، فإن المفاجآت المرتقبة، ستمهد لحل على قاعدة التوافق بين فرقاء الصراع في الشرق والغرب برعاية عربية، وتحت مظلة الأمم المتحدة.

وأرجعت توقعاتها إلى جملة من العوامل السياسية الطارئة، أبرزها اللقاء الذي جمع الأربعاء الماضي في الرياض بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ومستجدات التحركات الميدانية في ليبيا وموازين القوى العسكرية التي تشي بأن دخول الجيش الليبي بقيادة حفتر إلى العاصمة طرابلس، بات وشيكا.

واعتبرت أن توقيت هذا الاجتماع الذي جاء قبل يومين من زيارة العاهل السعودي لتونس، ونحو أربعة أيام من بدء القمة العربية، يجعل من تلك التوقعات قابلة لأن تتحقق على أرض الواقع، باعتبار المؤشرات التي دفع بها، والتي تعكس اهتماما سعوديا على أعلى مستوى بالملف الليبي.

صلاح الدين الجمالي: سيحظى الملف الليبي بدعم لافت خلال قمة تونس

ويُنتظر أن يتجسد هذا الاهتمام في القرارات التي ستسفر عنها القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين بتونس، وذلك بالنظر إلى الموقع القيادي للسعودية في صلب الجامعة العربية.

وأكد صلاح الدين الجمالي، المبعوث الخاص للجامعة العربية إلى ليبيا، أن القمة العربية في تونس ستولي اهتماما خاصا بالملف الليبي، في سياق الجهود المبذولة من مختلف القوى المعنية لإيجاد تسوية سلمية تعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا.

وقال الجمالي في تصريح لـ”العرب”، “من الثابت أن الاهتمام بالملف الليبي، سيحظى خلال هذه القمة بعناية خاصة، ودعم لافت، حيث ستخصص له حصة كاملة من المداولات في الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب”.

وكشف أن اجتماعا مشتركا لأعضاء اللجنة الرباعية حول ليبيا، سيُعقد على هامش تلك الاجتماعات العربية، لبحث تطورات الملف الليبي، وذلك بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني.

ولفت إلى أنه ستتم خلال هذا الاجتماع دراسة الملف الليبي من مختلف جوانبه، وتطورات عملية السلام التي يقودها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة الذي سيلقي كلمة خلال هذا الاجتماع، يسلط فيها الضوء على تقدم الجهود المبذولة لإنجاح المسار السياسي الذي يفضي إلى انتخابات عامة.

وعلى وقع هذه التطورات، يرتفع منسوب التفاؤل بإمكانية تحقيق اختراق كبير للملف الليبي، باتجاه إيجاد تسوية سياسية، لاسيما وأن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي ترأس بلاده القمة العربية الثلاثين، لم يتردد في التأكيد مرة أخرى على رفضه التدخل الخارجي في الشأن الليبي.

وتزامن هذا التأكيد مع بدء الاجتماعات التحضيرية لهذه القمة التي انطلقت على مستوى الوزراء وكبار المسؤولين العرب، والتي تواصلت الجمعة باجتماع لوزراء الخارجية، وسط رهانات متعددة، لا تحجب حجم التحديات بأبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تواجه المنطقة العربية في هذه المرحلة التي توصف بالحرجة.

واستبق وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب، بعقد لقاء مساء الخميس، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، تم خلاله بحث عدد من المسائل المتعلقة بجدول أعمال القمة العربية، وبمشروع البيان الذي سيصدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب والذي سيتم رفعه إلى القادة العرب خلال اجتماعهم المقرر الأحد المُقبل.

وجدد الجهيناوي خلال هذا الاجتماع، التأكيد على حرص تونس على أن تكون قمة تونس مناسبة لتكريس التوافق العربي والدعم العربي المشترك لمواجهة التحديات الكبرى الراهنة ومواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.

وبالتوازي، اعتبر أحمد أبوالغيط أن الحضور المتميز للقادة العرب في قمة تونس، هو دليل جديد على ما تحظى به تونس من تقدير واحترام لدى كل أشقائها، منوها في هذا السياق بالجهود الكبيرة التي بذلتها تونس، والعمل الكبير الذي قامت به لتهيئة الظروف الملائمة لإنجاح القمة العربية.

وتضمن جدول أعمال الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب الذي عُقد بعد اجتماع للمندوبين الدائمين، وكبار الموظفين، للنظر في متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على مستوى المندوبين الدائمين، متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على المستوى الوزاري، إلى جانب التشاور لإقرار مشاريع القرارات التي ستُرفع إلى اجتماع القمة، بخصوص القضايا والملفات المطروحة.

وتشمل هذه الملفات مختلف القضايا السياسية التي تهم المنطقة العربية، منها تطورات القضية الفلسطينية، في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على غزة، والجهود الرامية إلى دعم الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولة مستقلة، إلى جانب القضايا الأخرى، منها مستجدات الوضع في اليمن، والعراق والصومال.

وعلى خط مواز، يُنتظر أن يفرض اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ العام 1967، نفسه على طاولة القادة العرب خلال هذه القمة، رغم تواصل الجدل بخصوص عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية التي تم تعليق عضويتها فيها في العام 2012.

وباستثناء قضية استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، التي تبقى مسألة خلافية، فإن بقية الملفات والقضايا تحظى بنوع من التوافق بين القادة العرب، بغض النظر عن التباين في المقاربات، وفي الأجندات المرافقة لها.

وعلى هذا الأساس لا تخفي تونس تطلعها إلى تحقيق توافق عربي حول مختلف القضايا الساخنة سياسيا، والضاغطة اقتصاديا، لتتحول بذلك قمة تونس إلى حدث كبير بسياقات سياسية واقتصادية ضمن منظومة العمل العربي المشترك.

'