أنقرة تلقي بكامل ثقلها في معركة إدلب – مصدر24

أنقرة تلقي بكامل ثقلها في معركة إدلب

دمشق – تُلقي تركيا بثقلها في المعركة الدائرة في محافظة إدلب، من خلال تقديم دعم عسكري ولوجستي غير مسبوق للجماعات الجهادية والمقاتلة، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) في مواجهة القوات الحكومية السورية.

وتواجه محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، تؤوي نحو ثلاثة ملايين نسمة، تصعيدا في القصف منذ أكثر من شهرين، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي.

وتعتبر المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا مركز النفوذ الرئيسي لتركيا، وبالتالي خسارتها ستعني نهاية طموحات أنقرة في السيطرة على شمال سوريا، وانتكاسة كبرى في مساعيها إلى ضرب الأكراد الذين تعتبرهم تهديدا وجوديا.

وسعت أنقرة خلال الفترة الماضية إلى إيجاد حلّ مع روسيا يضمن استمرار سيطرتها على المحافظة، بيد أن موسكو أظهرت إصرارا على أنه لا مجال للتراجع عن خطط استعادة دمشق لتلك المنطقة الاستراتيجية وطرد الجماعات الجهادية منها، بعد مماطلة تركيا في الإيفاء بالتزاماتها حيال اتفاق خفض التصعيد.

ويقول خبراء عسكريون إن تركيا وعبر تصعيد الجماعات الجهادية تحاول تحسين شروط التفاوض مع الجانب الروسي، مستبعدين أن يقبل الأخير عملية ليّ الذراع هذه، حيث تريد روسيا تسريع عودة تلك المنطقة التي تعدّ المعقل الرئيسي الوحيد المتبقي تحت سيطرة معارضي الرئيس بشار الأسد، لتهيئة المجال لتسوية النزاع المندلع في هذا البلد منذ العام 2011.

وقُتل العشرات من عناصر الجيش السوري والفصائل المقاتلة على رأسها هيئة تحرير الشام في اشتباكات عنيفة بين الطرفين في شمال غرب سوريا، تزامنا مع استقدام تركيا للمزيد من التعزيزات العسكرية على الحدود السورية.

واندلعت الاشتباكات ليل الأربعاء إثر شنّ فصائل تتقدمهم هيئة تحرير الشام هجوماً تمكّنت بموجبه من السيطرة على قرية الحماميات وتلة قربها في ريف حماة الشمالي الغربي

وتسببت المعارك، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 46 عنصرا من القوات الحكومية و36 مقاتلا من الفصائل.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن “لا يزال القتال مستمرا الخميس، مع شنّ قوات النظام هجوما معاكسا لاستعادة القرية، يتزامن مع قصف جوّي ومدفعي” على مناطق سيطرة الفصائل.

وأوضح المتحدث العسكري باسم هيئة تحرير الشام أبوخالد الشامي أن الهجوم بدأ مساء “على مواقع النظام” في الحماميات قبل أن يتمكّنوا من السيطرة على القرية وتلتها.

وتعدّ هذه التلة، وفق الناطق باسم فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” ناجي مصطفى، “استراتيجية جداً لأنها تشرف على طرق إمداد” الجيش السوري.

ويشهد ريف حماة الشمالي منذ أسابيع جولات من المعارك، تسبّبت إحداها في يونيو بمقتل 250 مقاتلا من الطرفين في ثلاثة أيام.

الوضع في الشمال السوري يزداد توترا، ولا يستبعد تلاقي دمشق مع الأكراد في محاصرة وتطويق النفوذ التركي

وتتزامن المعارك مع استمرار الغارات على مناطق عدة في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي. وقُتل مدنيّ على الأقل جرّاء غارات روسية على بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي الغربي، بينما أوقعت غارات نفذها الجيش السوري خمسة قتلى، بينهم طفل في مدينة جسر الشغور في إدلب.

وبحسب المرصد، قُتلت سيدة على الأقل في قصف للفصائل على بلدة كرناز التي يسيطر عليها.

وتمسك هيئة تحرير الشام بزمام الأمور إداريا وعسكريا في إدلب ومحيطها، حيث تتواجد أيضا فصائل إسلامية ومقاتلة أقلّ نفوذا. وكانت المنطقة شهدت هدوءا نسبيّا بعد توقيع اتفاق روسي- تركي في سبتمبر، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه بسبب مماطلة تركيا، ما دفع الجيش السوري إلى استئناف الهجمات في فبراير، قبل أن تنضم إليه الطائرات الروسية.

ومنذ زيادة التصعيد نهاية أبريل، قُتل أكثر من 560 مدنيا جرّاء الغارات السورية والروسية، بينهم 11 مدنيا قُتلوا الأربعاء في قصف جوي على إدلب تسبب بخروج مستشفى عن الخدمة.

وبحسب الأمم المتحدة، تعرّض 25 مرفقا صحيّا على الأقل للقصف منذ بدء التصعيد، فيما أدّت المعارك إلى فرار 330 ألف شخص الى مناطق لا يشملها القصف.

وعلى جبهة ثانية في شمال سوريا، قُتل 13 شخصا، غالبيتهم مدنيون الخميس في تفجير سيارة مفخخة قرب حاجز لفصائل سورية موالية لأنقرة عند مدخل مدينة عفرين في شمال سوريا.

تعزيزات تركية
تعزيزات تركية

ويثير الهجوم التساؤلات حول الأطراف التي تقف خلفه فهل كان النظام السوري أو الأكراد، وما إذا كان الهدف هو تشتيت تركيز تركيا على إدلب.

وتسيطر فصائل إسلامية موالية لتركيا على منطقة عفرين في محافظة حلب منذ مارس 2018، إثر هجوم واسع قادته القوات التركية في المنطقة ذات الغالبية الكردية، وتسبب بفرار عشرات الآلاف من سكانها.

وقال عبدالرحمن إن “السيارة المفخخة انفجرت عند مدخل مدينة عفرين قرب حاجز للفصائل، حيث تتجمع الآليات والسيارات للتفتيش”.

ووفق المرصد، تسبّب التفجير بمقتل ثمانية مدنيين بينهم طفلان على الأقل، وأربعة من المقاتلين الموالين لأنقرة، إضافة إلى قتيل آخر لم يُعرف ما إذا كان مدنيّا أم مقاتلا. كما أصيب أكثر من ثلاثين بجروح. ومن بين القتلى المدنيين، بحسب المرصد، خمسة يتحدرون من الغوطة الشرقية قرب دمشق، ممن تمّ نقلهم إلى منطقة عفرين بعد إجلائهم من مناطقهم إثر اتفاق مع الحكومة السورية العام الماضي.

وغالبا ما تتعرّض المنطقة لتفجيرات واغتيالات تطال قياديين وعناصر من الفصائل الموالية لأنقرة، من دون أن تتبناها أي جهة. وقال أبوإسلام وهو قائد عسكري لفصيل موال لأنقرة إن “السيارة عبارة عن شاحنة محمل بمادة ‘تي.أن.تي’ وتم تفجيرها في نقطة مكتظة بالمدنيين”. واتهم المقاتلين الأكراد بالوقوف خلف التفجير بهدف “ضعضعة الوضع الأمني في المنطقة”.

وفي ما بدا ردّ فعل على هجوم عفرين أعلن في وقت لاحق عن تفجير في مدينة القامشلي التي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها الوحدات الكردية، ما أوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

ويرى مراقبون أنّ الوضع في الشمال سوري يزداد سخونة، غير مستبعدين تلاقي دمشق مع الأكراد في محاصرة وتطويق النفوذ التركي

'